هل يستحق انمي الهجوم على العمالقة كل هذه الشهرة ؟ - Attack on Titan
حان الأوان لأتحدث عن قنبلة هذا الموسم، الأنمي الذي مر على كل شفة ولسان، الأنمي الذي غزى مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية لما يقارب 8 سنوات، الأنمي الذي تجنبت الحديث عنه طوال هاته المدة، إنه بدون شك "انمي العملاق المهاجم" يا سادة.
هذا الموضوع ليس هدفه التنقيص من قيمة الهجوم على العمالقة أو إقناع من يعشقونه بأنهم على خطأ، وإنما هو فرصة لي للتعبير عن رأيي الغريب حول هذا الأنمي، والذي لم أسمع عن من يشاطرني فيه.
سأبدأ وأقول أنني شبه متأكد من عدم إنصافي، إذ بعد رؤية مواضيع، نقاشات، ترولات (على وجه الخصوص)، حرق، فيديوهاتت، ووو.. حول هجوم العمالقة لمدة من الزمن، تولد في داخلي نوع من الحقد والكراهية تجاه هذا الأنمي الذي استمتعت بأجزاءه السابقة، وكنت أنتظر تكملته على أحر من الجمر، كما كان شأن الأغلبية منكم. هو كالعلكة في نظري، فمهما كانت لذيذة المذاق، إذا استمريت في مضغها لساعات فإنها ستفقد نكهتها تلك. فأصبحت بذلك رؤية "مشتقات" (إن صح التعبير) أتاك عقوبة يومية، إذ ما إن أدخل مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أجد اتاك اون تايتن هنا وهناك، وفي بعض الأحيان هي تفاهات لا تستحق الذكر، تطبيل في تطبيل، وهذا لمدة من الزمن!! فشكرا للمتابعين الذين حرموني من متعتي...
من جهة أخرى، أشاهد الأنميات منذ سنة 2010، و ولجت عالم مجموعات الأنمي سنة 2015 تقريبا، ولم يسبق لي أن رأيت ضجة مثل الضجة التى أحدثها هذا الانمي سنة 2021. ضجة إن كنا منطقيين و موضوعيين مع أنفسنا و لو لدقيقة، سنجد أنه مبالغ فيها. فلا يعقل أن تجد الكبير والصغير، العادي و البادي، "الأوتاكو" وغيرهم يتحدثون عنه بشكل يومي!! على فايسبوك، تويتر، إنستاغرام، تويتش، يوتيوب، و حتى في المنتديات ومنصة تيك توك. أناس ليس لهم أي علاقة بالأنمي ولم يشاهدوا أي حلقة أنمي من قبل، بدأوا بوضع فيديوهات "رياكشن" لحلقات أتاك، أو تقارير عنه رغم أن قناتهم على اليوتيوب لا علاقة لها بهذا، ويدلون بدلوهم قائلين "انمي الهجوم على العمالقة أفضل أنمي".
للأسف الانمي أصبح " ترند " ربحي بالنسبة للكثيرين، استغلوا بداية "الموجة" و ركبوها طمعا في المشاهدات واللايكات، فزادوا بذلك من ضخامة الموجة، فأصبح كون العملاق المهاجم تحفة أسطورية، حقيقة ثابتة لا نقاش فيها؛ أثرت لا إراديا على الكثيرين ممن بدأوا مشاهدة الأنمي حديثا. وما يثير اندهاشي هو أناس أعرفهم جيدا، وأعرف أنهم شاهدوا حفنة لا يستهان بها من الأنميات العظيمة، ومع ذلك يصرون على كون أتاك عملا أسطوريا لن يتكرر. حسب وجهة نظري هذا راجع لتأثرهم بما يدور على النت بشكل دائم. لا أقول أن اتاك اون تيتان عمل سيء، فلو كان كذلك لما شاهدته، هو أنمي جيد و حسب، قد أتفهم من يقول أنه أنمي جيد جدا، ولكنه للأسف بعيد عن كونه تحفة.
اتاك اون تيتان أنمي برز للوجود سنة 2013، فكرته جميلة جدا ومتميزة، وبالنسبة لي أفضل جزء منه هو الأول، هو الوحيد الذي يستحق أن يقال عنه جيد جدا، يليه الجزء الثاني والذي كان بكل بساطة مخيبا للآمال. الجزء الثالث (بشقيه) كان من المفترض أن يلقي الضوء على أسرار هذا العالم ويبدأ فعليا في حل خباياها، ولكن للأسف كانت الأجوبة جد قليلة ومحدودة، فبعد مشاهدته كنا لا نزال بعيدين عن فهم أسرار العمالقة أو أسرار هذا العالم. بمعنى آخر، فقد مرت تقريبا 60 حلقة ونحن على مشارف آخر جزء (حسب علمنا آنذاك)، وكنا لا نزال في "دار غفلون" فكيف يعقل هذا؟؟ هناك فرق بين وجود أسرار عديدة أو صعبة الاكتشاف، وبين أن تكون القصة لا تسير نحو الأمام، لمدة ثلاثة أجزاء كاملة، لم نتعرف على شيء تقريبا ولم يتبقى إلا جزء أخير، فكيف سيفعلون حتى يشرحوا لنا كل ما نجهله في جزء واحد فقط! هناك خلل واضح في طريقة سير أحداث الأنمي، ومع ذلك ونحن على مشارف بداية الجزء الرابع، الجميع يطبل ويقول أنه أنمي أسطوري.
للأسف قلة الأجوبة هذه وكمتابع أنمي فقط، تجعلك غير متعلق بالشخصيات بتاتا. وهذا جد غريب من أنمي فكرته جيدة، إذ لا أحس بأي ارتباط بشخصيات هذا العالم. وهذا من بين نقاط ضعف الانمي وهو بناء الشخصيات. ربما أكون الوحيد الذي يرى هذا ولكن الكاتب لا يفهم شخصياته، وهذا ما يجعلها باهتة غير مثيرة وممتعة. خصوصا شخصية إرين ييغر، أحس أن الكاتب بنفسه لا يعرف ماذا تريد الشخصية التي صنعها بنفسه، وكأنه يحاول فهم شخصيتها في نفس الوقت مع المشاهد، ولكن من جانب سلبي، وهذا ما يجعل من ييغر إيرين بطلا غير مقنع البتة. حتى صفة بطل القصة لا تليق به، إذ إلى حدود الجزء الثالث، كان دوره شبيها بدور البقية. ومهما حاول البعض منكم تبرير هذا فهو للأسف خلل آخر. إذ لا يعقل مرة أخرى أن نكون اقتربنا من النهاية ولم نتعلق بالبطل وفكرته.
يأتي الجزء الرابع والأخير (حسب علمنا آنذاك) والذي هلل له لأشهر عديدة، نفتتحه بحلقة وإن كانت قد راقتني، فإنها لم تكن مفهومة لجل متابعي الأنمي. إذ نجد أنفسنا في حرب لا نفهم من أين أتت، مع شخصيات جديدة لا نعرف منها إلا راينر براون. أجبرنا للذهاب والبحث في النت حتى نفهم من هم المارلي ومن هي إلديا. وإن كنا قد استطعنا فهم تسلسل الأحداث من بعد ذلك، أرى أنه كان من الواجب إعطاء تلخيص ولو لبضع دقائق، للقفزة الزمنية وماذا جرى ومن هم هؤلاء الأشخاص.
أن يحتاج المشاهدون البحث عن أجوبة في الأنترنيت في أول حلقة يعبر عن عجلة و تسرع واضح.
لا أدري إن كان هذا أسلوب المؤلف هاجيمي إيساياما أم طريقة الأستوديو، ولكنه يثقلنا بالألغاز والأسئلة، حتى أصبحت القصة ضبابية في كثير من الأحيان، في محاولة ليست بالناجحة لتصنّع العمق في القصة. هناك فرق بين عمق القصة وضبابية القصة! أي عدم وضوح فكرة المؤلف وهذا ما يعاني منه الانمي. أنميات مثل مونستر تعتبر جد عميقة لكن فكرتها ونسق أحداثها جد واضح، وهذا ما يبرز أن المانجاكا تمكن من فكرته، وهو على أتم الاستعداد لإيصالها لك بوضوح رغم عمقها، وهو ما لا نراه في أتاك.
الحلقات التي ستلي الحلقة الأولى من الجزء الرابع ستعرف صدى منقطع النظير على النت، رغم أنها كانت جد عادية مقارنة بالحلقة الاولى والتي كانت جيدة رغم ما ذكرته سابقا. حدثٌ بالضبط تحدث عنه الجميع: موت ساشا بلوز! يا من أعمى بصره وبصيرته التطبيل، لنكن واقعيين، وإن كان موتها محزنا قليلا كموت أي شخص في القصة، فإنها تظل وبدون نقاش، شخصية ثانوية إلى أبعد الحدود، همها الوحيد في القصة أكل البطاطا. فكفاكم أنينا وضجيجا لا مبرر له.
أما غابي (جابي)، فهي كما يدل عليه اسمها شخصية غبية وانفعالية بشكل مبالغ فيه، لا تستحق كل ذلك الحقد أو ذاك الاهتمام الذي أوليتموها. ستظل شخصية فارغة وثانوية، مغزاها الوحيد مشاهدة سير الأحداث وابداء حماقات غير منطقية، حتى تتغير نظرتها في النهاية ويقوم المطبلون مرة أخرى "واو أفضل تطور شخصية".
إيرين ييغر شخصية رغم ضبابيتها السابقة فإنها أصبحت أكثر ضبابية من ذي قبل! تغير غير منطقي، غير مبرر له، غير مفسر ومبالغ فيه!
لكل من يقول أن ييغر إيرين كان هكذا منذ البداية، أقول له، أنت قرأت المانغا وشرح لك المؤلف هاجيمي إيساياما هذا التحول كما يشاء باحثا عن منطقية، أنا كمتابع أنمي لا أراها إذ لا وجود لها.
أما لمن يقول "انتظر وسوف تفهم" أذكره أنه مرت أزيد من 70 حلقة، و نحن في آخر جزء (حسب علمنا آنذاك) أي في نهاية القصة ولا زلت لا أفهم، فمتى سأفهم إذن؟
أما فيما يخص اللب الحالي للقصة، والذي يتمحور حول صراع مارلي وإلديا فهو وأعتذر عن المصطلح صراع سخيف أو حتى أكون أقل قساوة، هو صراع غير مقنع.
استهله الكاتب بمحاولة فاشلة لتجريم شعب إلديا وتصويرهم كأعداء العالم، معطينا بذلك وجهة نظر المارلي. ولكن ما استنتجته من كلامه منذ البداية، أن أسلاف إلديا قاموا بتلك الشنائع، فما ذنب الجيل الحالي؟ نهاية النقاش.
لكل من أمضَوْ ساعات في الحديث عن ازدواجية الظالم والمظلوم في القصة، الجواب واضح و ليس معقدا كما يدعيه البعض، أو كما يحاول أن يصوره الكاتب في البداية. إلديا اليوم لا ذنب له، و مارلي اليوم هم الأشرار.
الغريب في الأمر، أنه بعد بضع حلقات عندما تسللت غابي إلى عقر الإلديان، والتقت بتلك الفتاة التي فقدت أحد أعضاء عائلتها بسبب هجوم مارلي، فقد أبرز المؤلف وجهة النظر التي تحدثت عنها أعلاه على لسان تلك الفتاة، في محاولة يائسة منه لأرجحتنا بين الدفاع عن إلديا أو مارلي، لكنها معضلة بسيطة والمذنب فيها واضح.
هذه المعضلة التي من المفترض أن يجد لها بطل قصة حلا. ومرة أخرى يتقاذفنا الكاتب بين أفكار متناقضة أعتبرها مبررة هذه المرة، فالحل ليس بالهيّن، أو بمعنى آخر حسب نظري ليس هناك حل! وهو ما يزيد من عدم ارتباطي بالشخصيات، إذ أرى أن كل أفكارهم غير مقنعة، ودائما ما يتخللها مشكل ما. هذا في الحقيقة من بين الجوانب الواقعية للقصة، فلا وجود لحل مثالي على أرض الواقع. ولكن للأسف أجد نفسي مشاهدا محايدا لا يروقه أي رأي، و لا يدافع عن أيّة شخصية، و هو ما يحد من متعتي حتى أكون صريحا.
أخيرا وختامها مسك، الحلقتان اللتان كادتا أو ربما غيرتا نظرتي عن هذا الجزء من أتاك إلى الأفضل، هما الحلقتان اللتان أبرزتا صراع راينر الداخلي ومعاناة زيكي على وجه الخصوص. الشخصيتان الوحيدتان التي أحس أن الكاتب فهمهما فعلا وأوصل فكرته بوضوح. تمنيت لو أعطى وقت أطول لصراع راينر مع نفسه. أما فلاش باك زيكي قمة في الروعة، شخصية ناجحة بامتياز.
أطلت قليلا، لكن فيما يخص توقعاتي لنهاية أتاك، وبالنظر لشخصية إيرين الضبابية فإن مآلها الوحيد المنطقي هو الموت. ستموت بعد أن تحقق رغبتها في ذاك العالم لكنها لن تفلح في تحقيق السلام الذي أرادته. أتمنى أن لا تكون النهاية هكذا لأنها جد متوقعة بالنسبة لي انطلاقا من سير الأحداث (أنا متابع أنمي فقط هذا ليس سبويل و إنما فكرة وحسب).
فكرة وصاحب التدوينة: Yassine Salmi
التدقيق اللغوي: Nabil Touir
أتمنى أن تكون هذه التدوينة قد نالت إعجابكم ^^
تنبيه: المرجو عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره وإدراج رابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة و شكرا
تعليقات
إرسال تعليق